- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخــطــبـة الأولــى :
الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وآل بيته الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.
تحريم الاختلاط :
أيها الأخوة الكرام، اخترت موضوعاً في هذا الأسبوع لسبب هو أن أحد الأخوة قال لي: في حدود معلوماتي ليس هناك دليل على تحريم الاختلاط، وأنا أقول لكم دائماً أيها الأخوة: يقول سيدنا علي رضي الله عنه: قوام الدين والدنيا أربعة رجال، عالم مستعمل علمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وغني لا يبخل بماله، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه.
الآن إذا ضيّع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلم، وإذا بخل الغني بماله باع الفقير آخرته بدنيا غيره.
لذلك أخطر صنف في المجتمع هو نصف المتعلم، لا هو عالم ينتفع بعلمه، ولا هو راغب في التعلم، لا يتعلم ولا ينتفع بعلمه.
لذلك أيها الأخوة، من خلال بحث سريع وجدت ما يزيد عن مئة دليل في القرآن الكريم والسنة يحرم الاختلاط، وإذا كان هناك فساد اجتماعي مستشرٍ صدقوا ولا أبالغ إن أحد أكبر أسبابه هو الاختلاط، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ (140) ﴾
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(14) ﴾
أي حب الطرف الآخر، حب الرجل للأنثى، وحب الأنثى للرجل مزروع في أعمق أعماق الإنسان.
الشهوة قد ترقى بالإنسان إلى أعلى عليين أو تهوي به إلى أسفل سافلين :
لذلك هناك ضوابط كثيرة جداً لتكون العلاقة بين الذكر والأنثى كما أرادها الله، علاقة زواج، علاقة إنجاب، علاقة أولاد، أحفاد، ذكرت هذه القصة مئات المرات، دعاني عالم جليل إلى طعام الغداء، قال لي: عندي ثمانية وثلاثون حفيداً، أكثر من ثلاثة عشر حفيداً من حفاظ القرآن الكريم، وعشرة أطباء، قلت في نفسي: تزوج امرأة فأنجب منها الأولاد و البنات، الأولاد جاؤوا له بالكنائن، والبنات جاؤوا له بالأصهار، من هذا الزوج والزوجة الأولاد والكنائن، والبنات والأصهار، أنجب ثمانية وثلاثين حفيداً، أليس سبب هذا الكم الرائع من العلماء والفقهاء علاقة جنسية، هذا الأصل.
إذاً: هذه الشهوة ترقى بك إلى أعلى عليين، وتهوي بالإنسان العاصي إلى أسفل سافلين.
فضائح أهل الأرض من فجر التاريخ حتى الآن فضائح جنسية أو مالية، لذلك أكبر كم من الأحكام الفقهية متعلق بالعلاقة بالمرأة، ومتعلق بكسب المال وإنفاقه، تكاد تكون أغلب الأحكام الفقهية متعلقة بربط العلاقة بين الذكر والأنثى، وبضبط العلاقة بين الذكر والأنثى، وبضبط العلاقة مع المال كسباً أو إنفاقاً.
من اتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه :
أيها الأخوة، النقطة الدقيقة أن الله عز وجل ما بنى منهجه على العقاب، بنى المنهج على تقديم بدائل، تقديم علاقة نظيفة بين الذكر والأنثى، تقديم علاقة تزهو بها.
حدثني أحد الأخوة فقال لي: طرق بابي فجراً، فتحت الباب فلم أجد أحداً، حالت منه التفاته إلى الأسفل رأيت كيساً يتحرك، يبدو أنه طفل من الزنا ولد لتوه، فوضع أمام أحد الأبواب، وقرع الجرس.
أنا خطر في بالي عندما يتزوج الشاب، وتحمل زوجته، والخبر يسري، تأتي التهنئات، تولد هذه الزوجة تأتي الهدايا، التبريكات، الحفلات، لأن هذا شيء شرعي، وعندما يتزوج الإنسان تطلق أبواق المركبات يوم العرس، لا أحد يخجل، هذا منهج الله.
لذلك أيها الأخوة الكرام، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، والآية الدقيقة:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾
عند علماء الأصول المعنى المخالف، المعنى العكسي: أن الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه.
تحريم الخلوة بين المرأة و الرجل :
لذلك من أعظم الضمانات الوقائية ـ ودرهم وقاية خير من قنطار علاج ـ التي وضعها الإسلام سياجاً منيعاً واقياً للمرأة المسلمة، ولأفراد المجتمع، أنه حرم الخلوة بين المرأة الأجنبية والرجل الأجنبي، وهذا الموضوع يحتاج إلى عدة خطب، وسوف آتيكم بعشرات بل ببضع عشرات الأدلة القاطعة من القرآن والسنة تتعلق بتحريم الاختلاط، وصدقوا ولا أبالغ بحكم عملي المتواضع في الدعوة أكثر المشكلات التي تعرض عليّ مشكلات انحراف أخلاقي، خيانة زوجية، سببها الأول هو الاختلاط، فالإنسان بسذاجة، أو بجهل، أو بتجاهل، أو بخبث، يدفع من حوله إلى أن تزل أقدامهم بسبب عدم مراعاة أحكام الشريعة.
المرأة درة مصونة ولؤلؤة مكنونة علينا الحرص عليها :
أيها الأخوة، الحقيقة أن المرأة جبلت على حبّ التزين، وعلى حبّ التجمل، هذا شيء طبيعي، والإسلام أقرها عليه، بل أثنى عليها حينما تتزين لزوجها، بل مدحها حينما تحصن زوجها، بل أكرمها حينما تعبد الله فيما أقامها، أقامها زوجة ثم أقامها أم ثم أقامها جدة، المرأة حينما تعبد الله فيما أقامها ترقى عند الله عز وجل، فالإسلام دين الفطرة مسموح للمرأة أن تتزين لزوجها الزينة المطلقة وبعض الزينة لمحارمها، من قال لك إن المرأة التي آمنت بالله، وابتغت رضوانه، منعت من أن تظهر رغبة عميقة في حياتها، ألا وهي أن تكون امرأة محترمة تنعم بشيء يلفت النظر.
أيها الأخوة، المرأة في الحقيقة درة مصونة ولؤلؤة مكنونة، لا يريد الإسلام أن تعبث بها الأيدي الآثمة، ولا تمتد إليها النظرات السامة، والله لا يخلو أسبوع من قصة يدمى لها القلب.
آخر قصة ؛ فتى من خلال الهاتف تعرف على فتاة، و بعد شهر من الاتصالات، و وعد بالزواج، وما إلى ذلك، صار لقاء في الطريق في مكان عام، ثم صار لقاء في بيت، ثم وقعت الفاحشة، ثم صورت، ثم هددت، وبقيت ترضخ لرغبات أصدقائه سنوات ثلاث وأهلها لا يعلمون.
والله قصص يدمى لها القلب من الاختلاط، من العلاقة الآثمة.
الأبوة رسالة و مسؤولية :
أخواننا الكرام: هناك أخطار كبيرة جداً، والآن أقول لكم حقيقة ينبغي ألا تقال: لكن هناك آباء كثر يتوهمون أن بناتهم على ما ينبغي وهن على عكس ذلك، لكن هناك سذاجة، هناك عدم تدقيق، هناك عدم اهتمام.
أيها الأخوة، الأبوة رسالة، كثير من النصوص بمعنى أن الفتاة تقف بين يدي الله يوم القيامة تقول: يا رب لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي، إذا أهملها، لم يتابع حركتها، أنا أحمل الأخوة الآباء ومن يسمعني من الأمهات المسؤولية الكبيرة.
تحريم سفر المرأة من دون محرم :
أيها الأخوة، في البخاري ومسلم وهما أصح كتابين بعد كتاب الله:
(( لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم، وجاء رجل فقال: إن امرأتي خرجت إلى الحج، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فاحجج مع امرأتك ))
تعليق لطيف، لو أن هذا الإنسان معاصر ماذا يقول للشيخ ؟ يقول: معقول أن أدع الجهاد في سبيل الله و أذهب لمرافقة زوجتي ؟ أنأ أثق في أخلاقها، تصور إنساناً معاصراً جاءت الفتوى بالتحريم، فجاءت المبررات، أنا لا أشك في تربيتها، كيف تأمرني بهذا وهي بنت التقى والعفاف والروع والدين والالتزام ؟
(( قال انطلق فاحجج مع امرأتك ))
لأن هناك خطورة، فالمرأة في السفر مطموع بها.
ضعف الإنسان أمام ضغط الشهوات :
أيها الأخوة، بالأحاديث الشريفة ملامح دقيقة جداً، ما قال: ما خلا فاسق بامرأة، ما قال: ما خلا كافر بامرأة، ما قال: ما خلا منحرف بامرأة، وما قال: ما خلا مؤمن، قال:
(( لا يخلون رجل بامرأة ))
أي رجل خلا بامرأة الشيطان ثالثهما، وأي امرأة كائنة من كانت إذا خلت برجل كان الشيطان ثالثهما، لأن الإنسان يضعف أمام ضغط الشهوة إذا كانت الخلوة، وكذلك المرأة.
أيها الأخوة، مرة ثانية، المرأة هي اللؤلؤة المكنونة والدرة المصونة التي حرص الإسلام ألا تمتد الأيدي العابثة، ولا أن تلوثها النظرات الآثمة.
الشهوة لا علاقة لها بالطهر والعفاف بل علاقتها بظروف ينبغي ألا تكون :
أيها الأخوة، حديث آخر:
(( أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ ))
هذا حديث شريف في الصحاح، لذلك قال سيدنا سعد بن أبي وقاص: ، ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ـ من هذه الثلاثة ـ ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حق من الله تعالى ،
.
مرة ثانية: الدعاة إلى الله عليهم عبء أنهم يتلقون شكاوى الأخوة الكرام، معظم الشكاوى المتعلقة بالانحراف الأخلاقي، بالخيانة، بالفاحشة، سببها الخلوة، هذا توجيه خالق السماوات والأرض:
(( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ))
لأن الشيطان يزينها في قلوب الرجال، ولأن الشيطان يزين الرجال في قلبها، وربما كانت المرأة تقية، نقية، طاهرة، أي هذه الشهوة ليس لها علاقة بالطهر والعفاف لها علاقة بظروف ينبغي ألا تكون.
للتوضيح، تيار توتر عال، وزير الكهرباء يضع الإعلان التالي: ممنوع مس التيار، مستحيل، قبل ثمانية أمتار الإنسان يغدو فحمة، يكتب ممنوع الاقتراب من التيار، لذلك الشرع العظيم جعل منطقة أمان بينك وبين المعصية، والدليل:
﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ﴾
أبق بينك وبين المعصية هامش أمان:
﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ﴾
والآية الكريمة:
﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى ﴾
وأنا مصر على أنه لو أجريت دراسة علمية دقيقة لألف حالة من حالات الزنا، التسعمئة حالة لم يكن في ذهن الطرفين أن تقع هذه الفاحشة إلا أن الخلوة دفعتهما إلى هذا الزلل.
على المرأة ألا تخلو برجل ليس من محارمها :
أيها الأخوة، المرأة العفيفة الطاهرة المستورة إذا خلت برجل ليس من محارمها هناك احتمال الخطأ، والخطأ لا يكون من أول لقاء، دائماً كما يقال: الشيطان ذكي جداً، في اللقاءات الأولى وعد بالزواج، في اللقاءات الأولى إعجاب بالأخلاق، والأمر يتطور إلى أن تنتهي بالفاحشة، ثم تستغل، وهذه القصة متكررة عشرات ألوف المرات، وعد بالزواج، تقدير الأخلاق، لكن علاقة ممنوعة بالشرع، الخلوة ممنوعة والأمر يتطور إلى أن تقع الفاحشة، لذلك:
(( إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ ))
أي امرأة أخي، هذا أخي، بالتعبير الشامي عرق عيني وهذه زوجته مثل أختي، أتمنى على الأخوة الكرام أن يلغي كلمة مثل أختي، لا ليست أختك، هذه امرأة أجنبية يمكن أن تزل قدمك معها .
(( يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: الحمو الموت ))
في البخاري ومسلم وهما أصح كتابين بعد كتاب الله:
(( يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ فقال عليه الصلاة والسلام الحمو الموت ))
وزاد مسلم في روايته:
(( الحمو أخو الزوج وأقاربه ))
على الإنسان أن يترك منطقة أمان بينه و بين المعصية :
صدقوا ولا أبالغ وعندي والله مئات القصص، في هذه البلدة الفاحشة وقعت بين أخ الزوج وزوجة الأخ، لم يمضِ عدة أيام إلا و اتصل بي هناك مشكلة كيف نعالجها ؟ آخر مشكلة حامل، أنا لا أتكلم من فراغ، صدقوا ولا أبالغ ما من نهي نبوي إلا عندي مئات القصص التي يندى لها الجبين، لا تكن ساذجاً هذا كلام خالق الكون، طبعاً هناك من يقول: هذا تطرف، أنا مع النص، ومع النص القرآني والنبوي الصحيح، أنا أعطل عقلي، لكن أحياناً أعمله فأرى حالات لا تنتهي ناتجة عن مخالفة الشارع الحكيم.
أيها الأخوة، طبعاً الموضوع خطير جداً أنا يمكن أن أعزو تسعين بالمئة من الفساد الخلقي والفواحش بل والشذوذ في بيوتات المسلمين من عدم الاهتمام بمنع الخلوة بين الأطراف جميعاً، طبعاً هناك قصة شيء لا يصدق، والله لا يليق أن تذكر على منبر رسول الله.
أيها الأخوة، هذا هو البعد عن الله، هذا هو ترك منطقة الأمان بينك وبين المعصية.
مثلاً: نهر له شاطئ مستوٍ جاف، وشاطئ مائل زلق، والنهر عميق وأنت لا تحسن السباحة، إذا سرت على الشاطئ الجاف المستوي أنت في أمان، أما إذا سرت على الشاطئ المائل الزلق أنت في خطر كبير قد يصل إلى التسعين بالمئة، تزل القدم، وتسقط في النهر، وهكذا المعصية، اجعل بينك وبين المعصية هامش أمان، غض البصر هامش أمان، عدم الخلوة هامش أمان، عدم صحبة الأراذل، صحبة المؤمنين أحد الأسباب:
(( لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))
أول أنواع الخلوة استقبال المرأة رجلاً في بيتها وهو ليس من محارمها وزوجها غائب :
أيها الأخوة، أول أنواع الخلوة حينما تستقبل المرأة رجلاً في بيتها وزوجها غائب، وهو ليس من محارمها، لا أخوها، ولا أبوها، ولا ابنها، ولا عمها، ولا خالها، حينما تستقبل امرأة متزوجة في بيت زوجها رجلاً ليس من محارمها، من أقارب الزوج، أو من أصدقاء الزوج، فهذا أكبر خطر، أكبر أسباب الانحراف هذه الخلوة، يجب أن تربوا نساءكم ما دام الزوج غير موجود لا تستقبل أي رجل مهما كلف الأمر ولو لدقيقة.
أيها الأخوة، هناك صور من الخلوة كثيرة جداً أحياناً مع السائق لمسافة بعيدة خارج المدينة، أحياناً مع الخادمة، الخادم مع السيدة، أحياناً الخطيب بخطيبته قبل أن يعقد العقد، آلاف الحوادث، خطيبها ؟ وإن كان خطيبها هذا ليس زوجها، إذا عقد العقد لا يوجد مشكلة، هذا ليس زوجها تحمل ويختفي الخطيب، يتسكع الناس على أبواب المشايخ ماذا نفعل يا سيدي ؟
يقول ابن عباس: ، يرتكب أحدكم أحموقته ويقول: يا بن عباس يا بن عباس ،.
لماذا سمحت له أن يسهر مع ابنتك والعقد لم يقع بعد ؟ لماذا سمحت له أن يخرج بها إلى مكان عام ؟ هو أخذها إلى بيت ولا يوجد عقد، فكل خطأ فاحش سببه جهل فاحش، أو مثلاً امرأة شابة تدخل إلى طبيب لا تعرف من هو، من دون محرم، من دون مرافق، هذه خلوة أيضاً، أي أصحاب المهن طبيب، مهندس، محامي، الأولى ألا تذهب المرأة إلى الطبيب إلا مع ذي محرم، أو مع ابنتها.
أيها الأخوة، مع الأسف الشديد الآن يسافر الإنسان إلى بلد غربي، يطرق بابه الساعة الواحدة ليلاً، كان لا يفتح الباب خوفاً من الله، وكأنه على منهج سيدنا يوسف، الآن لا يفتح الباب أيضاً خوفاً من الإيدز، أحبط العمل، كان خوفاً من الله والإنسان كان يرقى بهذا العمل إلى أعلى عليين، الآن لا يفتح الباب خوفاً من مرض خطير.
عفة سيدنا يوسف مثل أعلى لكل شاب :
أيها الأخوة الكرام، سيدنا يوسف قصته رائعة جداً، تتحدث عن عفة هذا النبي الكريم، وأنا أقول: هذا النبي الكريم مثل أعلى للشباب، لكن هذا النبي الكريم عبر عن افتقاره لله فقال:
﴿ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ(33) ﴾
من أقوال السيد المسيح: "الشريف يهرب من أسباب الخطيئة "
.
لا من الخطيئة نفسها، ربما لا يستطيع الإنسان لو تورط وتجاوز المنطقة المحرمة أن يبتعد عن العمل النهائي، أنا أشبه العملية كصخرة على رأس جبل ما دامت على الرأس مستقرة متمكنة، لو اقترحت أن تدفعها باتجاه الوادي عشرة أمتار فقط، اسمعوا الجواب لن تستقر إلا في أعماق الوادي، هي في قمة الجبل مستقرة ما دام بينك وبين الفاحشة هامش أمان كبير، لا يوجد اختلاط، لا يوجد خلوة، لا يوجد صحبة أراذل، لا يوجد إطلاق بصر، فأنت في مأمن، أما حينما تتجاوز هذا الحد، وتريد أن تزحزح هذه الصخرة عشرة أمتار فقط، لن تستقر إلا في أعماق الوادي، فسيدنا يوسف وهو نبي كريم ما اغتر بعصمته كنبي:
﴿ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ(33) ﴾
كيد الشيطان و كيد المرأة :
الشيء الذي يلفت النظر:
﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) ﴾
﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) ﴾.
تصور بين الآيتين، الشيطان بكامله، الشيطان الذي يتولى غواية البشر، كيده ضعيف، لأنك إذا قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ينتهي الشيطان، أما المرأة لك عندها حاجة، فإذا تجاوزت الحدود، وألغيت السدود، وتجاوزت السدود، وتجاوزت الممنوعات، وتجاوزت هامش الأمان، فالفاحشة تكاد تكون محققة.
أيها الأخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.
* * *
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الضوابط الشرعية التي رسمها الشرع للقاء الرجال بالنساء :
1 ـ وجود سبب خطير جداً وضروري لهذا اللقاء:
أيها الأخوة الكرام، قد يسأل سائل: ممنوع أن يلتقي الرجال مع النساء بأمور خطيرة جداً ؟ هناك جواب شرعي، لقاء النساء والرجال جائز إذا كان الهدف المشاركة في هدف كبير يحتاج إلى جهود متضافرة بين الرجال والنساء من الجنسين، ولكن وفق الضوابط الشرعية التي رسمها الشرع، ما الضوابط ؟ وجود سبب خطير جداً وضروري لهذا اللقاء.
2 ـ عدم التوسع والإسراف في خروج المرأة من بيتها:
الضابط الثاني: عدم التوسع والإسراف في خروج المرأة من بيتها لقوله تعالى:
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ (33) ﴾
3 ـ الالتزام بغض البصر:
الشيء الثالث: الالتزام بغض البصر:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30)وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾
4 ـ التزام المرأة بالحجاب الشرعي والثياب المحتشمة:
الشيء الرابع: التزام المرأة بالحجاب الشرعي والثياب المحتشمة، أي المرأة تحتشم، والرجل يغض بصره، والأمر قليل ليس كثيراً، ولشأن خطير، وتجنب الزينة التي تقود إلى ارتكاب الفواحش.
5 ـ الالتزام بآداب الإسلام:
الالتزام أثناء اللقاء بآداب الإسلام في الحركات والسكنات، وفي الوقوف والمشي وفي الكلام والصمت.
الالتزام بآداب الإسلام، تجنب الزينة كلياً، التزام المسلمة بالزي الشرعي والحجاب الشرعي، والتزام الرجال بغض البصر، والأمر خطير وأساسي متعلق بالتعليم، أحياناً متعلق بأشياء كثيرة مما تحتاجها الأمة.
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين.